قوله تعالى: {قل أرأيتم} مفسَّر في [فاطر: 40] إلى قوله: {إِيتوني بكتاب}، وفي الآية اختصار، تقديره: فإن ادَّعَواْ أن شيئاً من المخلوقات صنعةُ آلهتهم، فقل لهم: إيتوني بكتاب {مِنْ قَبْلِ هذا} أي: مِنْ قَبْلِ القرآن فيه برهانُ ما تدَّعون من أن الأصنام شركاءُ الله، {أو أثارةٍ مِنْ عِلْمٍ} وفيه ثلاثة أقوال:أحدها: أنه الشيء يثيره مستخرجه، قاله الحسن.والثاني: بقيَّة مِنْ عِلْمٍ تُؤثَر عن الأوَّلِين، قاله ابن قتيبة. وإِلى نحوه ذهب الفراء، وأبو عبيدة.والثالث: علامة مِنْ عِلْم، قاله الزجاج. وقرأ ابن مسعود، وأبو رزين، وأيوب السختياني، ويعقوب: {أثَرَةٍ} بفتح الثاء، مثل شجرة. ثم ذكروا في معناها ثلاثة أقوال:أحدها: أنه الخَطُّ، قاله ابن عباس؛ وقال هو خَط كانت العرب تخُطُّه في الأرض، قال أبو بكر بن عيّاش: الخَطُّ هو العِيافة.والثاني: أو عِلْم تأثُرونه عن غيركم، قاله مجاهد.والثالث: خاصَّة مِنْ عِلْم، قاله قتادة.وقرأ أُبيُّ بن كعب، وأبو عبد الرحمن السلمي، والحسن، وقتادة، والضحاك، وابن يعمر: {أثْرَةٍ} بسكون الثاء من غير ألف بوزن نَظْرَةٍ.وقال الفراء: قرئت {أثارةٍ} و{أثَرَةٍ}، وهي لغات، ومعنى الكل: بقيَّة مِنْ عِلْم، ويقال: أو شيء مأثور من كتب الأولين، فمن قرأ {أثارةٍ} فهو المصدر، مثل قولك: السماحة والشجاعة، ومن قرأ {أثَرَةٍ} فإنه بناه على الأثَر، كما قيل: قَتَرة، ومن قرأ {أثْرَةٍ} فكأنه أراد مثل قوله: الخَطْفَة [الصافات: 10] و {الرَّجْفَة} [الأعراف: 78].وقال اليزيدي: الأثارة: البقيَّة؛ والأثَرَة، مصدر أثَرَه يأثُرُه، أي: يذكُره ويَرويه، ومنه حديثٌ مأثور.